سورة التوبة - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


قوله جلّ ذكره: {وَقَالتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ}.
لو كان هذا في تخاطب المخلوقين لكان عينَ الشكوى؛ والشكوى إلى الأحباب تشير إلى تحقق الوصلة.
شكا إليهم ما حصل من قبيح أعمالهم، وكم بين مَنْ تشكو منه وبين مَنْ تشكو إليه!!
قوله جلّ ذكره: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
الكفار قبلهم جحدوا الربوبية، وهؤلاء أقروا بالله، ثم لما أثبتوا له الوَلَدَ نقضوا ما أقروا به من التوحيد، فصاروا كالكفار قَبْلَهم.
ويحتمل أن تكون مضاهاةُ قولهم في وصف المعبود بأنَّ عيسى ابنه وعزيراً ابنه كقولِ الكفار قَبْلَهم إنَّ الملائكة بناتُ الله.
ويقال لمَّا وصفوا المعبود بما يتعالى عن قولهم لم ينفَعُهم صِدْقُهم في الإقرار بربوبيته مما أضافوا إليه من سوء القالة. وكلُّ مَنْ أطلق في وصفه ما يتقدَّسُ- سبحانه- عنه فهو للأعداء مُشَاكِلٌ في استحقاق الندم والتوبيخ.


كما لا تجوز مجاوزة الحد في وَضْع القدْرِ لا تجوز مجاوزة الحد في رَفْع القَدْر، وفي الخبر: «أُمِرْنا أَنْ نُنْزِلَ الناسَ منازِلَهم».
فَمَنْ رأى من المخلوقين شظيةً من الإبداع أنْزَلَهم منزلةَ الأرباب، وذلك- في التحقيق- شِرْك، وما أخلص في التوحيد مَنْ لم يَرَ جميعَ الحادثات بصفاتها (....) من الله.
{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهًا وَاحِدًا}: فمن رفع في عقده مخلوقاً فوق قدره فقد أشرك بربِّه.


من رام أن يستر شعاع الشمس بدخان يوجهه من نيرانه، أو عالج أنْ يمنع حكم السماء بحيلته، وتدبيره، أو يُسْقِطَ نجوم الفَلَكِ بسهام قوسِه- أظهرَ رُعونَته ثم لم يَحْظَ بمراده. كذلك مَنْ توهَّم أن سُنَّةَ التوحيد يعلوها وَهَجُ الشُّبَه فقد خاب في ظنِّه، وافتضح في وهمه.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13